سيد من العظماء (2) عظمة البسطاء
عظمة البسطاء
ما أحوجنا إلى نوع جديد من التأريخ يكون أبطالَه “البسطاءُ” أمثالُك.
أُسَمِّيهِم “البسطاء”، ريثما تعتدل رؤيتنا وتستقيم موازيننا فنعرفَ أن على أكتاف هؤلاء البسطاء تقوم قائمة الدعوات العظيمة، ومِنْ عرق هؤلاء البسطاء يرتوي وينتعش ظامِئُ عروقِها، وبِدُرَيْهِمَاتِ هؤلاء البسطاء يبارك الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ عَصَبَ الجهاد ويُقَوِّيه، وبنُكران هؤلاء البسطاء لذواتهم وبجهادهم في ذات الله يُعرف الخير وأهلُه، وبتواضعهم لعزة الله يُرْفَعُ شأنُ أحَدِنَا مهما كان وضيعاً، وبِذِلَّتِهِمْ على المؤمنين وحُسْنِ عشرتهم وبَذْلِهِمْ وتفانيهم وغَيْرِيَّتِهِم أَسْتَظِلُّ أنا وتَسْتَرْوِحُ أنتَ وتَهْنَئِينَ أنْتِ تحت ظلال هذه الشجرة المباركة التي يسقيها المؤمنون الصادقون الصابرون المحبون المحتسبون بِزَكِيِّ دمائهم.
البسطاءُ المساكينُ، الْمَحْمُودِينَ، هم الذين دعا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ربه فطَلَبَ إليه الكينونةَ منهم في الدنيا والآخرة فقال: “اَللَّهُمَّ أَحْيِنِي مِسْكِيناً، وَأَمِتْنِي مِسْكِيناً، وَاحْشُرْنِي فِي زُمْرَة الْمَسَاكِينِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”؛ فقالت أُمُّنَا عائشةُ رضي الله عنها وأرضاها: لِمَ يا رسول الله؟ قال: “إِنَّهُمْ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ أَغْنِيَائِهِمْ بِأَرْبَعِينَ خَرِيفاً. يَا عَائِشَةُ، لاَ تَرُدِّي الْمِسْكِينَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمَرَةٍ. يَا عَائِشَةُ، أَحِبِّي الْمَسَاكِينَ وَقَرِّبِيهِمْ، فَإِنَّ اللهَ يُقَرِّبُكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ”[1] .
فَسَّرَ بعض العلماء معنى دعائه صلى الله عليه وسلم أنه: “طلبُ التواضعِ والخضوعِ، وأنْ لا يكون من الجبابرة المتكبرين والأغنياء المترفين”.
المسكينُ مَنْ لا جاه له ولا سلطان ولا مال مما يستقوي به الكبراء. والمسكينُ المحمودُ مَنْ إذا عمل فليس لأحد غيرِ الله ما دام لا يرى ولا يطلب هو بعمله أحداً غيرَ الله. والمسكين المحمود مَنْ لا يَرُدُّ سائِلَه وإن كان هو أولى الناس بسؤال الناس. والمسكين المحمود من مَحَا من قاموس العطاء لَدَيْهِ لاَءَاتِهِ مَحْواً كأن عنده مفاتحَ خزائنِ الخير التي لا تنفَد.
[1]– رواه الترمذي عن أنس رضي الله عنه.
y3vyai