في الذكرى 99 لميلاد الإمام المجدد
تُهِلُّ علينا يوم غد الثلاثاء 4 ربيع الثاني 1446هـ (8 أكتوبر 2024م)، الذكرى التاسعة والتسعون لميلاد الأستاذ المرشد والمجاهد المؤيَّد والإمام المجدد، سيدي عبد السلام ياسين قدس الله سره. ذكرى غالية تُعانق -في آن- ذِكْرَيَيْنِ جليلتين:
1: الذكرى الأولى لطوفان الأقصى، الذي حمل إلى مركز الأحداث العالمية في 7 أكتوبر 2023 قضية الأمة، وأحياها بعد أن كادت تضيع في دهاليز المؤامرات. فدفع إخواننا هناك -ولا يزالون- أغلى الأثمان، من دمائهم وأرواحهم وزهرات شبابهم وأحبابهم وفلذات أكبادهم، نصرة لبيت المقدس وأكناف بيت المقدس.
2: الذكرى الخمسون لرسالة “الإسلام أو الطوفان”، التي وجهها إمامنا رضي الله عنه إلى الملك الراحل الحسن الثاني في 6 غشت 1974، فأقام بذلك حُجَّةً وفتح قلوبا وأَعْيُنًا وحَرَّرَ أجيالا وسَطَّرَ مَجْدًا وصنع تاريخا ومَهَّدَ طريقا.
وسَدَّدَ الله من حمل في هذا اليوم قولَه تعالى: “”وَذَكِّرْهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِ”” شعارا. قال تعالى (إبراهيم: 5): “”وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِـَٔايَٰتِنَآ، أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ ٱلظُّلُمَٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ، وَذَكِّرْهُم بِأَيَّىٰمِ ٱللَّهِ، ۚ إِنَّ فِى ذَٰلِكَ لَءَايَٰتٍۢ لِّكُلِّ صَبَّارٍۢ شَكُورٍۢ””. فما أكثر وأعظم أيام الله الواعظة، وما أحوجنا، مع الصبر ومع الشكر، إلى تَذْكَارِ عِبَرِهَا إذا رُمْنَا الخروج من ظلمات ما نعيشه إلى نور ما نطلبه.
وسواءٌ أَتَعَلَّقَ الأمرُ بطوفان الرسالة أو بطوفان الأقصى، فإن عنوان المعركة واحد هو: “طوفان الإسلام”. وإن المسؤوليةَ والدوافعَ والطريقَ والعقباتِ والأثْمَانَ والغايةَ واحدة. والمجاهد هنا والمجاهد هناك يَنْفِرُ كُلٌّ إلى ثَغْرِه فيقيمُ فرضَ عَيْنِهِ أو كفايتِه. فإنْ كان شغله وعمله وهمُّهُ وتهَمُّمُه فيما بين يديه، فقلبه ودعواته مع أخيه مَهْمَا نَأَتِ الأقدار بمواقع الأقدام. والإمام رحمه الله كان الأسوة في حمل هموم الأمة، لا يشغله هَمٌّ عن هَمٍّ. ولقد كان الأقصى في قلبه بِمَكَان.
نسأل الله تعالى أن يكتبنا في المصابرين المرابطين المجاهدين بجهد الْمُقِلِّ أو بفيض دموع الْكَلِّ. قال تعالى:
“لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَىٰ وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّهِ وَرَسُولِهِ. مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ.ۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ .وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ. إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاءُ.ۚ رَضُوا بِأَن يَكُونُوا مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ”.
صدق الله العظيم
محمد العربي أبو حزم
الدار البيضاء. ليلة 4 ربيع الثاني 1446/ 8 أكتوبر 2024.